شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
محاضرة في الدفاع المدني
2717 مشاهدة
طرق تحقيق الإيمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
مَنَّ الله –تعالى- علينا أن هدانا للإسلام، وأرسل إلينا نبي الإسلام، هذا مِنْ أَكْبَرِ المنن قال الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ المنة لله -تعالى- فله الفضل وله الْمَنُّ وله الثناء الحسن.
وهذه المنة أو هذه النعمة تستدعي، تلتزم منا الشكر والاعتراف لله –تعالى- بالفضل، وتستدعي تحقيق هذا الإيمان الذي وصفنا به، والذي هو شَرَفُنَا، والذي هو رِفْعَتُنَا؛ ولهذا ابتدأ الله وصفنا بالإيمان لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ متى نكون من المؤمنين؟
إذا آمنا بالله ربًّا وإلهًا وخالقًا، وآمَنَّا برسله وآمَنَّا بكتبه، وآمَنَّا بشريعته، وآمَنَّا بأمره ونهيه، وآمَنَّا بلقائه وجزائه، وصَدَّقْنَا بذلك، وعملنا به نكون حقًّا من المؤمنين.
مَنْ قال: آمنت بالله، وعصى الله فليس من المؤمنين.
مَنْ قال: آمنتُ بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يتبعه ولم يُطِعْهُ فليس بصادق.
مَنْ قال: آمنت بالشريعة- شريعة الإسلام- ولم يعمل بها، أو أخذ بعضها ورَدَّ بعضها فليس بصادق؛ لأن الذي يأخذ البعض ويَرُدُّ البعض كأنه ما أخذ شيئًا ولهذا أنكر الله -تعالى- على اليهود قال تعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ الذين يفعلون ذلك ما جزاؤهم إلا خزي، الخزي: أي ذل وهوان في الحياة الدنيا، وفي يوم القيامة يُرَدُّون إلى أشد العذاب، هذا جزاء مَنْ عمل بالبعض، وترك البعض.
وكذلك ذكر الله –تعالى- أيضًا هذا عن النصارى الذين يقولون، يقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا لا مع المؤمنين، ولا مع الكفار.
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ إن جاءهم الكفار صَوَّبُوهم وقالوا: نِعْمَ القوم أنتم! أنتم على حق، وأنتم على هدى.
وإن جاءهم المؤمنون –أيضًا- مدحوهم، فمثل هؤلاء –أيضًا لا شك أنهم يعتبرون مثل ما قال الله: أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا فلا بد أن المؤمنين يأخذون الشريعة، ولا يردون منها شيئًا طاعة لله –تعالى- ورسوله؛ لأن الله –تعالى- لما أنه فرض علينا الإيمان مدحنا بالإيمان، كان من تمام الإيمان: الإيمان بكل ما أنزل الله الإيمان بالشريعة التي أنزلها الله –تعالى- وجعلها دِينَ الإسلام.
فلا يتم قبول المسلم لتعاليم الإسلام إلا إذا تَقَبَّلَ كل ما جاء من الشريعة، تَقَبَّلَ ذلك وعَمِلَ به ولم يَرُدَّ منه شيئًا، هكذا يكون المؤمن الصادق.
كذلك –أيضًا يؤمن، أو علينا أن نؤمن بلقاء ربنا -سبحانه وتعالى- حيث إنا نرجو ذلك، ونرجو ثوابه، يقول الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا كلنا نرجو لقاء ربنا، وأن نلقاه وقد رَضِيَ عنا، وأن نلتمس رضاه بكل ما أمر به، وألا نُقَدِّمَ رضا أحد على رضا الله تعالى فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا أما الذي يقول: أرجو لقاء الله، ومع ذلك فإنه لا يعمل العمل الصالح، بل يعمل السيئات، ويقول: أرجو رحمة الله، فإن هذا غير صادق في أنه يرجو لقاء الله.
الذي يرجو لقاء الله ويرجو رحمته لا بد أن يكون صادقًا في رجائه، وأن يكون من أهل العمل فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا .